معدل البطالة.. فخر المشروعات القومية

محمد صلاح عبد المقصود
محمد صلاح عبد المقصود

مع إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الاحصاء عن تقريرالقوى العاملة خلال الربع الثالث من عام 2020، و الذي أظهر استمرار هذا المؤشر في الانخفاض للعام السابع على التوالي ليصل إلى 7.3%، وذلك على الرغم من الأزمة الاقتصادية الشديدة التي يمر بها العالم جراء انتشار فيروس كورونا.

كعادة أبناء التنظيم الارهابي القذر، فقد انطلقوا رافعين راياتالتشكيك في هذا الرقم، كما هي عادتهم مع كل الايجابيات التي نعيشها، و بدأت موجات التشكيك تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، و هي موجات من المتوقع أن تعلو كثيرا في الفترة القادمة استثمارا لبعض المتغيرات الدولية و الاقليمية، و هذا أمر معتاد ومتوقع من تنظيم اعتاد الخيانة و مارسها و أدمنها حتى الثمالة!

والمتابع لحركة هذا المؤشر على مدار السنوات العشر الماضية، يلحظ انه يمثل ترجمة صادقة و محصلة لعدد من الأنشطة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي مرت بها مصر، حيث لا تكذب الارقام و لا تجامل، و لا تخفي نجاح أو تجمل فشل، و لا تتحيز لطرف على آخر، كما سيلحظ أيضا ما يلي:

 

أولا: زادت معدلات البطالة بعد أحداث يناير 2011، حيث انتقلت من 8.96% بنهاية 2010 لتصل الى أقصى معدل لها بنهاية 2013، حيث وصلت الى 13.33%، و ذلك نتيجة مرور الاقليم بالكامل بزلزال الربيع العربي، و ما ترتب عليه من ركود السوق السياحي المصري، و تعطل الأعمال القائمة على التصدير نتيجة للظروف السياسية، اضافة الى عودة ما يقرب من 9 ملايين مصري من الخارج بعد انهيار أسواق العمل في العراق و ليبيا و سوريا.

ثانيا: بدأ المؤشر في التراجع بشكل ملحوظ مع انطلاق ثورة 30 يونيو المجيدة، غير أن بداية التراجع الحقيقي بدأ مع اطلاق رؤية مصر 2030، و انطلاق مئات المشروعات القومية في مجالات الطرق و البنية التحتية، و التوسع الواضح في قطاعات البناء و التشييد و الصناعات المرتبطة بها، و كلها قطاعات تستوعب أعدادا كبرى من العاملين، كما أنها نجحت في استيعاب العائدين من اسواق العمل الخارجية، و لولا هذه الرؤية و هذه المشروعات ما تراجع هذا المؤشر بهذا الشكل الكبير.

لم تكن المشروعات القومية تحقق أهداف الدولة التنموية و المستقبلية فقط، بل امتدت لتفتح سوق عمل آمن و مستقر يحافظ على فتح باب رزق مناسب لملايين المصريين الذين يعملون على تنفيذها، و يصل عددهم طبقا لافادة اللواء ايهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة الى 5 ملايين مصري.

ثالثا: مثل هذه التقارير و الارقام تعتمد على معايير دولية تعتمدها منظمة العمل الدولية، و تعمل بها جميع دول العالم، أي أن هذه الأرقام ما هي الا انعكاس لواقع نحياه و نعيشه، و تحوي منالدقة و المصداقية ما يجعل التشكيك فيها عبث حقيقي، و لو قمت بزيارة العاصمة الادارية الجديدة أو العلمين الجديدة أو الجلالة الجديدة، أو من المشروعات المنتشرة في كل القطر المصري من شماله لجنوبه، لاقتنعت ان الأرقام ربما تزيد عن أكثر من 5 ملايين عامل!

إذا انتقلنا للملاحظات الابرز في هذا التقرير الهام سنجد الآتي:

- زيادة حجم قوة العمل بعدد يقرب من 2 مليون طالب عمل خلال 3 اشهر فقط (بنسبة 5% من قوة العمل في يونيو 2020)، وهو عبء كبير و حقيقي على أي اقتصاد، مهما تطور الاقتصاد و مهما توسعنا اقتصاديا، لا يوجد سوق عمل في العالم يستطيع أن يوفر 2 مليون فرصة عمل كل 3 شهور.

- زيادة نسبة البطالة بين حملة المؤهلات العليا لتصل ألى 39.7%، و هو رقم يؤكد صحة توجه الدولة نحو اعادة النظر تجاه النظام التعليمي، و كيف أن التعليم الفني أصبح هو الأداة الوحيدة القادرة على استيعاب هذه الاعداد الضخمة من حملة المؤهلات العليا.

- الرقم الخاص بأصحاب الأعمال في مصر 2.6 مليون تقريبا، بنسبة 9.9% من المشتغلين في سوق العمل، و هو رقم ضعيف و نسبة هزيلة جدا، و تعني ضرورة تثقيف الشباب و توعيته بأهمية ريادة الاعمال و تطويرها، حيث يرى كثير من الشباب المصري ريادة الاعمال كمرادف للاختراع أو الاقتراض فقط، و هو فهم منقوص يمنع الكثيرين من فرص قد تغير حياتهم للأفضل و تقلبها رأسا على عقب.

في النهاية، فقد جائت أغلب المؤشرات الواردة بالتقرير مبشرة و ايجابية، و ذلك مقارنة بالظروف المحيطة بها، حيث استمرار تأثر العالم بجائحة كورونا، واستمرار معاناة قطاع السياحة والمهن المرتبطة به من تبعات هذه الجائحة، أي أنه مع زوال خطورة هذا الفيروس و تعافي قطاع السياحة، مع فتح اسواق العمل الخارجية، فإنه من الوارد جدا أن ينخفض مؤشر البطالة لما هو أقل من 7.3% في القريب العاجل.

اقرأ ايضا| فيديو | «الإحصاء» تكشف أسباب تراجع معدل البطالة